الملخص : -
يدخل السودان من جديد مرحلة حرجة أخرى في تاريخه السياسي، مع استمرار تعرض حقوق الإنسان للتھديد الموسع. في أكتوبر/تشرين الأول من المقرر استئناف محادثات سلام دارفور في قطر. وفي أبريل/نيسان 2010 يتم عقد الانتخابات الوطنية،
إحدى العلامات الفارقة على مسار تنفيذ اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي
أنھى الحرب الأھلية في الجنوب. وخلال 17 شھراً من الآن، تنتھي الفترة الانتقالية الواردة في اتفاق السلام الشامل، مع عقد الاستفتاء على تقرير المصير في جنوب السودان.إحدى العلامات الفارقة على مسار تنفيذ اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي
وبدلاً من بناء الثقة بين مختلف الأطراف ذات المصالح في السودان في ھذه الفترة الحرجة، فإن الحكومة السودانية، تحت حزب المؤتمر الوطني الحاكم، تستمر في قمع المعارضة السياسية، وفي تقييد حرية تدفق المعلومات، وفي ارتكاب انتھاكات حقوقية وشن ھجمات عشوائية لا تميز بين المدنيين والمقاتلين في دارفور، حيث يعيش 2.7 مليون نسمة في مخيمات المشردين داخلياً وحيث تستمر أعمال التشريد والقتل.
وفي جنوب السودان، على مدار العام الماضي، تحمل المدنيون عبء تصاعد النزاع الإثني بين الجماعات المدنية المسلحة،
والمصادمات بين حكومة حزب المؤتمر وجيشھا، والجيش الشعبي لتحرير السودان، وكذلك ھجمات جيش مقاومة الرب المتمرد. وفي نقاط مشتعلة أخرى، مثل أبيي وغيرھا على امتداد الحدود بين الشمال والجنوب، فإن إخفاق الأطراف في تنفيذ اتفاق السلام الشامل المتفق عليه، من ترسيم للحدود وسحب للقوات وتقليص التھديدات؛ يؤدي إلى تعريض المدنيين للمزيد من
افتقاد الأمان والانتھاكات.
إن خارطة المشكلات السياسية والحقوقية في شتى أنحاء السودان ھي لوحة فسيفساء معقدة، العامل المشترك فيھا ھو الممارسات القمعية لحكومة حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وتشمل توظيف الصراعات المحلية عبر دعم وتسليح وقيادة ميليشيات قبلية، مما أدى إلى إزجاء نيران التوترات الإثنية، وجعلھا بدورھا فريسة سھلة للاستغلال والتلاعب. إن التصدي لھذه الأساليب القمعية واستعادة الحريات السياسية واحترام حقوق الإنسان، لھو مطلب مسبق من أجل مستقبل مستقر لجميع الأطراف في السودان. ولدى ھذه النقطة المفصلية الھامة، من الأھمية بمكان أن تقر الحكومات المعنية والمنظمات الحكومية الدولية بأن الإخفاق في التحرك فيما يخص موضوع بعينه أو منطقة جغرافية محددة، يسھم في المزيد من افتقاد الأمان وانتھاكات حقوق الإنسان في مناطق أخرى من البلاد. وھؤلاء المھتمون لصالح السكان المدنيين عليھم أن يتفقوا حول منھج شامل لاحترام حقوق الإنسان، بالتنسيق مع أعمال أخرى متزامنة على مختلف الأصعدة. فالتصدي لانتھاكات حقوق الإنسان وحماية المدنيين وتقليل خطر وقوع المزيد من الإساءات في مناطق أخرى مشتعلة سياسياً في شتى أرجاء السودان، ھي أعمال ضرورية من أجل إنجاح المبادرات الرامية إلى جلب السلم والأمن للسودان، ويجب أن تكون الركن الركين في جھود الوساطة الدولية.
ھذا التقرير، الذي يستند إلى أبحاث ھيومن رايتس ووتش في شرقي تشاد وجنوب السودان، في الفترة من يوليو/تموز إلى أغسطس/آب 2009 ، يوثق تحديات حقوق الإنسان وحماية المدنيين الأبرز في الخرطوم ودارفور وجنوب السودان، ويعرض توصيات بالتحرك للتصدي لھا. وإذا تبنت الحكومة السودانية والمعنيين الدوليين ھذه الإجراءات الآن، فھي بھذا تتحرك خطوات ھامة نحو توفير ظروف مواتية لانتخابات حرة ونزيھة واستفتاء سلمي. وقد تعودنا أن ينصب الاھتمام الدولي على الانتھاكات المُرتكبة في دارفور وما يتعرض له المدنيون من ضعف في الحماية في مناطق الحرب السابقة جنوبي السودان. والسابقة قضايا ذات أھمية قصوى، مع استمرار العنف والتشريد في دارفور كمؤشر
واضح على أن الحرب في دارفور لم “تنته” بعد، كما زعم القائد العسكري لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور
0 التعليقات:
إرسال تعليق