زعمت بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية التي تضطلع بمهمة المساعدة في إنهاء العنف في سوريا، يوم الاثنين، تحقق الكثير من الإنجازات، مشيرة إلى سحب الحكومة السورية الدبابات والمدفعية من المدن والإفراج عما يقرب من 3.500 سجين.
لكن عمليات القتل لا تزال مستمرة، في حين ينشب جدل حول البعثة، تركز الكثير منه حول رئيسها، الجنرال السوداني، الذي يقول الناشطون إنه قاد النوع نفسه من الوسائل المميتة والقمعية التي تسعى الجامعة العربية إلى وقفها في سوريا.
وقد تزايدت الانتقادات للفريق أحمد الدابي، المدير السابق للاستخبارات العسكرية السودانية سيئة السمعة، في أعقاب تصريحاته الأخيرة التي أدلى بها الأسبوع الماضي عندما تحدث باستخفاف عن الدمار في حمص، المدينة المنشقة التي قصفتها الدبابات الحكومية وشهدت مصرع العشرات، حيث نقلت عنه وكالة رويترز قوله: «بعض الأماكن تبدو في حالة من الفوضى، لكن لا يوجد ما يخشى منه».
ثم أدلى يوم الأحد بتصريح علني ناقض فيه تصريحات أحد مراقبي الجامعة الذي قال لسكان مدينة درعا إنه شاهد قناصة تابعين للحكومة، وإنه سيطلب من الحكومة السورية إبعادهم. بينما أكد الدابي لهيئة الإذاعة البريطانية أن المراقب كان يشير إلى حالة افتراضية «لكنه لم يرهم».
وخلال المقابلات، أشار الكثير من الأفراد الذين تعاملوا مع الجنرال إلى أنه شخصية محبوبة ومدير كفء، في حين أبدى البعض قناعة بقدرته على إدارة بعثة المراقبين بإنصاف.
رغم ذلك، وصفه آخرون تحديدا بأنه النوعية الخاطئة من الأشخاص لقيادة البعثة، فهو صاحب تاريخ دموي في حكومة استبدادية كانت تتعامل بعنف مع معارضيها.
ويقول فيصل محمد صالح، كاتب الرأي في صحيفة «الأخبار» السودانية: «أنا لا أعلم إذا ما كانوا قد اطلعوا على خلفيته العسكرية. هذه مهمة إنسانية، وكان ينبغي عليهم البحث عن شخص يتمتع بحساسية تجاه هذا النوع من القضايا. ينبغي أن يكون رجال الجيش في العالم العربي آخر الخيارات لمثل هذه المهام».
وقد فشلت كل المحاولات في الوصول إلى الفريق الدابي عبر هاتفه الجوال أو مكتب بعثة المراقبين في دمشق.
من جانبها دافعت الجامعة العربية عن الدابي، ووصف الأمين العام لجامعة الدول العربية الجنرال الدابي بأنه «عسكري كفء يتمتع بسمعة طيبة».
وبالنظر إلى ما تحويه السيرة الذاتية للدابي، فقد أبدى المعارضون السوريون تشككا بشأن البعثة منذ البداية.
وبحسب السيرة الذاتية التي قدمها للصحافيين عقب اختياره، ولد الدابي (63 عاما) في مدينة بربر في شمال السودان، وتخرج في الكلية الحربية عام 1969.
وقد لعب الدابي على مدى عقود، دورا قويا، وإن كان غير ملحوظ، في حكومة الرئيس عمر حسن البشير. وكان عضوا في الدائرة الداخلية المقربة من البشير عندما ارتقى إلى السلطة في أعقاب انقلاب عام 1989. ومن حين لآخر كان الرئيس يختار الدابي لمناصب أمنية مهمة، عادة ما تتمثل في الإشراف على حملات مكافحة التمرد، أو ملاحقة المعارضين.
كان المنصب الأول له في حكومة البشير رئيسا للاستخبارات العسكرية، ونادرا ما كان اسمه يذكر في الأخبار، لكن تقارير منظمة العفو الدولية منذ بداية التسعينات، توثق الدور الذي لعبه عملاء الاستخبارات العسكرية في إعدام وتعذيب واختفاء المعارضين أثناء فترة الصراع في جنوب السودان.
ويقول إروين فان دير بورت، مدير برنامج أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن الدابي لم يخضع للتحقيق على الإطلاق بشأن الادعاءات الواسعة النطاق بارتكاب فظائع.
بعد انتهاء عمله كمدير لوكالة الاستخبارات الخارجية، ثم نائبا لرئيس هيئة أركان القوات المسلحة السودانية، أسند إليه الرئيس البشير مهمة وقف الصراع المدني الدامي في إقليم دارفور.
ويروي كتاب «دارفور: تاريخ قصير لحرب طويلة»، لمؤلفيه أليكس دي وال وجولي فلينت، وصول الدابي إلى دارفور في بداية عام 1999 مصطحبا معه حمولة مروحيتين من الأسلحة و120 جنديا، موجها تحذيرا جديا لقبيلة المساليت ورجال القبائل العربية بأن رفضهم الامتثال لوقف إطلاق النار سيتم التعامل معه بعنف.
ويقول الكتاب: «أمر الطيارين بالقيام بعرض لإطلاق النار أمام زعماء القبائل لاستعراض قوة المروحيات».
وأكد قادة المتمردين أن الأشهر الأربعة التي قضاها الدابي في غرب دارفور كانت تمهيدا لحملة حكومية وحشية لمكافحة التمرد في المنطقة امتدت لسنوات كثيرة، ودفعت ميليشيات الجنجويد المدعومة من قبل الحكومة إلى الصدارة.
وقال دي وال الذي التقى الجنرال الدابي من أجل وضع الكتاب، في رسالة بريد إلكتروني: «كان يرى أن المشكلات بحاجة إلى تعامل حاسم، وعرضا للقوة ليظهر لهم من المسؤول. وترى قبيلة المساليت الشهور التي قضاها هناك فترة من القمع. ويصر الدابي على أنه كان عادلا وفاعلا»، وأضاف: «على أي حال كان الدابي شخصية مثيرة للجدل، ومثالا على الأسلوب العسكري في إدارة المشكلات السياسية».
وقبل عدة سنوات، عندما كانت الحكومة السودانية بحاجة إلى شخص يدافع عن انتهاكاتها المتكررة للحظر المفروض على الأسلحة في دارفور أمام خبراء الأمم المتحدة، لجأ الرئيس السوداني مرة أخرى للجنرال الدابي.
وبينما كان أعضاء إحدى اللجان التابعة للأمم المتحدة يحاولون الحصول على معلومات من المسؤولين السودانيين حول الانتهاكات في دارفور، بما في ذلك التفجيرات، كان الجنرال الدابي يقوم بعرقلة تحقيقات تلك اللجنة مرارا وتكرارا، والحد من سفر أعضائها والتأكد من عدم حديث أي شخص معهم من دون الحصول على موافقته هو شخصيا. وكان أحد أعضاء اللجنة قد وصفه بأنه «عنق الزجاجة».
وقال عضو آخر في اللجنة يدعى إنريكو كاريش، كان منسق اللجنة في عام 2008: «الدابي لا يهتم بالحقيقة، ولكنه يهتم بتوظيف تلك الحقائق لتتناسب مع السياسة، ولم يكن هناك أي التباس في الأمر».
ولم تعلن الجامعة العربية صراحة السبب وراء اختيار الدابي لرئاسة فريق المراقبين العرب لسوريا، على الرغم من أن صالح، الكاتب بجريدة «الأخبار» السودانية، وغيره قد صرحوا بأنه اختيار قطري. وكان الجنرال الدابي قد شغل منصب سفير السودان لدى قطر، وهي عضو في جامعة الدول العربية، وهي التي ساعدت على دفع العمل ضد سوريا ولها علاقات مع السودان. ويشير المحللون أيضا إلى أن العلاقات الودية بين السودان وسوريا قد جعلت من السهل على دمشق قبوله.
ولا يعد الدابي هو الخطأ الوحيد في فريق المراقبين العرب لسوريا الذي يعاني من خلل عميق، على حد وصف المحللين، فعلى الرغم من أن البعثة تضم في عضويتها بعض العاملين المحترمين في مجال حقوق الإنسان، فإنها تضم أيضا دبلوماسيين وموظفين تم إرسالهم من قبل الحكومات العربية على الرغم من تاريخهم المزري في مجال حقوق الإنسان. يذكر أن الجامعة العربية لم تصدر قائمة بأسماء المراقبين.
وعندما وصل المراقبون إلى سوريا الأسبوع الماضي بعد ساعات قليلة من التدريب، سرعان ما أشار النقاد إلى أن البعثة المكونة من 60 عضوا كانت كافية بالكاد لمراقبة الأوضاع والصراع في بلد يبلغ عدد سكانه 20 مليون نسمة. ومع ذلك، نزل المحتجون إلى الشوارع بأعداد كبيرة وزادت جرأتهم بعد وصول المراقبين، ونظموا مسيرات ضخمة في مختلف المدن السورية يوم الجمعة.
--------------------------------------
«نيويورك تايمز»
1 التعليقات:
مشاكلكم ما قادرين تحلوها جاين تحلحلوا مشاكل غيركم والله كلام عجيب ؟ إختشوا
إرسال تعليق